الأربعاء، 16 مارس 2016

تنظيم المؤتمرات


المؤتمرات هي من الوسائل التي تستخدم لنشر المعرفة، لتبادل الأفكار، للحصول على معلومات جديدة، للتعارف بين العاملين في مهنة ما أو مجال ما، وغير ذلك من الأهداف المتنوعة للمؤتمرات. وقد تجد نفسك يوما ما مسئولا عن تنظيم مؤتمر صغير أو كبير أو ندوة أو ما شابه. أحاول في هذه المقالة إلقاء الضوء على النقاط الأساسية التي يجب مراعاتها عند تنظيم مثل هذه المؤتمرات.


الهدف من المؤتمر:
قبل أن تبدأ في التفكير في أي تجهيزات عليك أن تحدد الهدف من المؤتمر. أثناء إعدادك للمؤتمر ستجد خيارات كثيرة ومتنوعة وينبغي أن تبنيَ اختياراتك لكل التفاصيل على هدفك من المؤتمر. فإذا كان الهدف من المؤتمر التعارف بين الحاضرين فستهتم بجلوسهم على موائد دائرية، وستهتم بوجود فترات راحة طويلة تسمح بالتعارف والحوار، وقد تنظم أي أنشطة ترفيهية بعد المؤتمر لإتاحة الفرصة لمزيد من التقارب بين الحاضرين. أما إن كان الهدف من المؤتمر هو نشر معلومات علمية أو مهنية فإن الأمر سيختلف وستحاول جعل فترات الراحة أقل ما يمكن، وقد تنظم جلوس الحاضرين على شكل صفوف متعاقبة مثل الفصل الدراسي. ولذلك عليك أن تأخذ وقتك في تحديد الهدف من المؤتمر وإلا فستكون اختيارتك غير مناسبة لما تريد الوصول إليه.
قد تنظم مؤتمرا لتشجيع العاملين على الابتكار، وقد تنظم مؤتمرا لنشر فكرة محددة، وقد تنظم مؤتمرا لتبادل المعرفة بين العاملين في صناعة ما، وقد تنظم مؤتمرا لتكريم بعض الناس،وقد تنظم مؤتمرا للتعريف بما تقدمه من خدمات، وقد تنظم مؤتمر لمناقشة موضوع ما …….إلخ. ينبغي أن يعرف فريق العمل بوضوح كامل الهدف من المؤتمر وألا يغفلوا عن هذا الهدف أثناء الإعداد للمؤتمر.
مدة المؤتمر:
قد يستمر المؤتمر عدة ساعات أو يوم واحد أو يومين أو أكثر. ما هي المدة المناسبة؟ غالبا ما يحكم المدة عدة عوامل:
1- المادة التي تريد عرضها: قد تريد أن تعرض عدد كبير من الأبحاث أو الأفكار ولذلك فإنك قد ترغب أن يطول المؤتمر لأيام عديدة
2- الموارد المالية المتاحة: أيا كانت الجهة المنظمة للمؤتمر فإنها تحدد مبلغا من المال كحد أقصى للصرف على المؤتمر، وإن كنت أنت من تتخذ القرار فستجد أنه عليك تحديد هذا الحد الأقصى بما يناسب العائد من المؤتمر. ولذلك فإن الموراد المالية تجعلك تحاول تقليل عدد أيام المؤتمر
3- بعض الموارد الأخرى: قد تكون إتاحية قاعة المؤتمرات بشركتك أو قاعة المؤتمرات التي تريد أن تستخدمها من العوامل المحددة لمدة المؤتمر. فقد تجد صعوبة أن تحجز القاعة لأيام عديدة نظرا لانشغالها بأعمال أخرى.
4- المدة المقبولة من الحاضرين: قد ترغب في عقد مؤتمر لمدة أربعة ايام ويكون لديك الموارد الكافية لذلك ولكنك تعرف أن الحاضرين لن يمكنهم التفرغ لهذا المؤتمر لمدة أربعة ايام فتضطر لتقليل المدة بما يتناسب مع العُرف أو مع جدول الحاضرين.
5- مواعيد بدء وانتهاء اليوم: قد ترغب أن تبدأ الساعة الثامنة صباحا وأن تستمر حتى السادسة مساء ولكن عليك أن تنتبه إن كان ذلك مناسبا للحضور أم لا. قد تجد نفسك مضطرا أن تبدأ الساعة العاشرة صباحا لأن بعض الحضور من الشخصيات رفيعة المستوى وليس لديهم استعداد للحضور مبكرا. وقد تجد أن طول يوم المؤتمر يؤدي لشعور الحاضرين بالملل، وإن كان وجود فترات راحة متعددة قد تقضي على الملل. في جميع الأحوال فإن عدد أيام المؤتمر مرتبط بما يمكنك أن تفعله في اليوم الواحد.
6- المؤتمر في قاعة واحدة أو عدة قاعات: قد تعقد المؤتمر في قاعة واحدة وقد يتم عقد عدة جلسات على التوازي في نفس الوقت في قاعات متجاورة بنفس المكان. عادة ما يتم اللجوء للقاعات المتعددة في المؤتمرات الكبيرة التي يُعرض فيها مئات الأبحاث ويكون الحاضرون من تخصصات مختلفة. المؤتمر في قاعة واحدة أسهل تنظيما ويضمن عدد مقبول من الحاضرين في القاعة، والمؤتمر في قاعات متعددة يسمح بعض الكثير من الأبحاث أو الأفكار ويتيح لكل شخص أن يحضر في القاعة التي تناسب اهتماماته، ولكن قد يفاجأ بعض العارضين بأن عدد الحضور في القاعة قليلا جدا.
عليك أن تراعي هذه العوامل وألا تنجرف تجاه إطالة المؤتمر كثيرا لأن هذا قد يجعل بعض الناس تُحجِم عن الحضور. وفي نفس الوقت لا تجعل المؤتمر قصيرا جدا بما لا يتيح تحقيق الهدف من المؤتمر.
مكان المؤتمر
اختيار مكان عقد المؤتمر هو من القرارات التي تؤثر كثيرا على نجاح المؤتمر. اختيار مكان المؤتمر هو قرا يتوقف على عوامل كثيرة مثل:
1- إمكانية الوصول لهذا المكان بوسائل النقل المتاحة للحاضرين: بعض الأماكن تكون رائعة ولكن يصعب الوصول إليها
2- توفر مكان لوقوف السيارات إن كنت تتوقع أن يحضر المشاركين بسياراتهم: هذه نقطة بسيطة ولكنها قد تؤثر كثيرا على الحاضرين للمؤتمر. بعض القاعات يكون لها مكان لوقوف السيارات وبعض القاعات قد لا تتوفر بها هذه الخدمة.
3- حجم القاعة المطلوبة: هذه إحدى المحددات الأساسية ولذلك عليك قبل أن تبحث عن قاعة أن تحدد عدد الحضور المتوقع، وبناء عليه ستجد الخيارات تتقلص لأنك ستجد أن هناك قاعات أكبر كثيرا مما تريد وأخرى أصغر مما تريد. لابد أن تكون القاعة بحجم مناسب للحدث وعدد الحاضرين بحيث يجلسون بالتنظيم المناسب مع وجود ممرات وفراغات مناسبة. وقد تتصور أن كبر حجم القاعة عن المطلوب لن يضر ولكنه يضر فعلا فحاول اختيار القاعة المناسبة حجما.
4- الخدمات المتوفرة في القاعة وفي فترات الراحة: هذه إحدى الخيارات الصعبة فكل قاعة بها خدمات مختلفة ولذلك فعليك أن تركز على الخدمات الأساسية لتحقيق الهدف من المؤتمر .لا تنبهر بوجود خدمات ظريفة لا علاقة لها بهدف المؤتمر ولكن ابحث عن الخدمات الأساسية التي تناسب مؤتمرك. فقد يكون اهتمامك الأكبر بوجود شاشة عرض كبيرة ونظام صوتي ناجح، أو قد يكون اهتمامك الأكبر بالخدمات في فترات الراحة، وقد يكون اهتمامك الأكبر بتوفر مقاعد فخمة …إلخ. أيا كان الهدف من المؤتمر ابحث عن الخدمات التي تناسبك. وانتبه لأن الخطأ في الاختيار قد يكون قاتلا، وقد لا تناسب خدمات رائعة مؤتمرك. فعلى سبيل المثال، إذا كنت ستعرض أفكارا علمية أو عملية تتطلب تركيز الحاضرين فقد يكون من غير المناسب أن تكون الكراسي مريحة جدا لأنها قد تتسبب في نوم بعض الحاضرين. وسوف نتطرق بالتفصيل للخدمات المتاحة والأدوات المساعدة في مقالة لاحقة بمشيئة الله.
5- تعاون ومرونة مقدمي الخدمة في المكان: ستلاحظ أن بعض مقدمي الخدمة لديهم استعداد كبير لإجراء العديد من التغييرات في القاعة قبل المؤتمر بما يناسب احتياجاتك بينما البعض الآخر قد يكون أقل استعدادا. وكذلك ستجد اختلاف في المرونة والسرعة في التعامل مع احتياجاتك المفاجئة أثناء المؤتمر. كفاءة وتعاون ومرونة مقدمي الخدمة هي من الاعتبارات المهمة في اختيار مكان المؤتمر.
6- التكلفة: قد تجد قاعات مناسبة جدا ولكنها باهظة التكلفة بالنسبة لمورادك المالية ولذلك فقد تكون الموراد المالية المتاحة هي أحد الأمور التي تحكم اختيارك لمكان المؤتمر.
7- تناسب فخامة المكان مع الحدث ومع مستوى الحضور: ينبغي أن يكون المكان مناسبا للحضور بحيث لا يكون أقل من المتوقع ولا أعلى من المتوقع كثيرا.
8- توفر مكان لإقامة الحاضرين من مدن أو دول أخرى: إذا كان المؤتمر يحضره شخصيات من مدن أو دول مختلفة فقد يكون من المريح أن تكون القاعة في فندق بحيث يمكن لهذه الشخصيات أن تقيم في ذلك الفندق، هذا سيريحهم وسيريحك أنت أيضا لأنتك لن تحتاج ان تدلهم على مكان القاعة ولن تحتاج أن توفر لهم وسيلة مواصلات.
الحاضرون:
تحديد تخصصات ومستوى وعدد الحضور هو من القرارات المهمة. عادة سيكون لديك الرغبة في زيادة عدد الحضور ولكن عليك أن تنتبه أن إدارة مؤتمر يحضره مائتا شخص أصعب بكثير من إدارة مؤتمر يحضره مائة شخص. عليك ان تقرر العدد المناسب للحضور وقد يحدُّك في ذلك الموارد المالية، انشغال الحاضرين، قلة عدد المهتمين بموضوع المؤتمر نفسه، صغر حجم القاعات المتاحة، قدرتك التنظيمية. وقد يتضمن المؤتمر أكثر من حدث يحضره عدد مختلف فتدعو بعض الشخصيات لجزء من المؤتمر.
أما مستوى الحضور فيجب أن يناسب الهدف من المؤتمر، فلا تحاول أن تدعو شخصة إدارية كبيرة لسماع مناقشة علمية بحتة، وإنما حاول أن تدعو الشخصيات المستهدفة بالمؤتمر أو الشخصيات التي تهتم بمثل هذا المؤتمر. وقد تجد نفسك محتارا بين أن تدعو الشخصيات المهتمة بمواضيع المؤتمر فعلا، وبين رغبتك في وجود شخصيات مرموقة، وقد يكون المخرج أن تدعو مثل تلك الشخصيات المرموقة في افتتاح المؤتمر أو ختام المؤتمر فقط. وقد تدعو بعض الشخصيات المرموقة لإلقاء كلمة افتتاحية أو شرح موضوع ما في بداية كل يوم من أيام المؤتمر كمتحدث رئيسي Keynote Speaker.
سيكون عليك اختيار تخصصات الحضور وعدد الحاضرين من كل تخصص، وهذا يتوقف على الهدف من المؤتمر ونوعية المواضيع المعروضة.
موعد المؤتمر:
اختيار موعد المؤتمر قد يؤثر على نسبة الإقبال ولذلك فينبغي أن تهتم بمراعاة ألا يتصادف مع حدث آخر مهم بالنسبة للحاضرين مثل مؤتمر آخر أو موعد تسليم مشروع أو أجازات …..إلخ. إذا كان هناك شخصية مرموقة ستحضر المؤتمر فمن الأفضل أن تتأكد مسبقا أن الموعد المقترح يناسبه. وكلما اتسعت دائرة الحضور كلما كان اختيار الموعد أكثر صعوبة، فاختيار موعد مؤتمر داخل نفس المؤسسة أسهل من اختيار موعد مؤتمر دولي.
الطعام والشراب:
ربما لا تكون تهتم كثيرا لما يُقدم لك من طعام وشراب في المؤتمر، ولكنك الآن ستكتشف أن عليك أن تعتني بهذا الموضوع جدا. جزء كبير من تكلفة المؤتمر تذهب في الطعام والشراب، ولذلك فإن عليك أن تنتقي من الطعام والشراب ما يناسب الحدث والحضور ولا يكون مبالغا فيه. الطعام والشراب الجيد من الأمور المستحسنة في المؤتمرات، ولكن عليك أن تختار المكونات المناسبة، وأن تعتني بالتفاصيل. عند اختيار طعام الغداء أو العشاء عليك أن تنتبه للوقت المتاح فبعض الأطعمة تستغرق وقتا في الإعداد أوفي تناولها أو الاثنين معا. ينبغي ألا يكون الغداء دسما جدا بحيث لا يشعر الحاضرون بعده بالحاجة للنوم. سيكون عليك أن تختار بين مائدة مفتوحة أو أطباق محددة سلفا تقدم للجميع أو سندوتشات. السندوتشات أسهل في التوزيع وأسرع في الأكل، وقد تكون مناسبة أحيانا ولكنها لا تُشعِر بالحفاوة، المائدة المفتوحة قد تكون أكثر كلفة ولكنها تسمح لكل شخص باختيار ما يريده ولكنها قد لا تناسب الغداء مطلقا لأنها تستغرق وقتا طويلا، أما الأطباق المحددة سلفا فهي الحل الوسط في الغداء.
الهدايا أو الجوائز:
كثيرا ما تقدم بعض الهدايا أو الجوائز في المؤتمرات للعارضين أو المنظمين أو بعض الشخصيات المرموقة. قد يبدو هذا الأمر سهلا ولكنه يستغرق وقتا في الإعداد. سيكون عليك اختيار نوعية الهدايا اللائقة والتي تناسب مواردك المالية، وقد تحتاج أن تصمم شكل بعض المطبوعات. الهدايا أو الجوائز تمثل شيئا عزيزا لمن يحصل عليها ولذلك ينبغي أن تبذل جهدا في اختيارها وتصميمها. وكذلك عليك ان تفكر مليَّا فيمن سيحصل على هدية، وتناسب الهدية مع المجهود أو المستوى الاجتماعي أو الوظيفي.
محتوى المؤتمر:
محتوى المؤتمر هو جوهره وهو الأمر الذي ينبغي أن تعطيه مساحة كبيرة من وقتك ومجهودك. قد يقدم المحتوى منظمو المؤتمر أو غيرهم من الباحثين أو العاملين. في جميع الأحوال فإن منظمو المؤتمر عليهم أن يسعوا لضمان مستوى عال من العروض. إن كنت أو فريق العمل معك سيقدم محتوى المؤتمر فإن عليك الحمل كله في الاختيار والتنسيق والإلقاء….إلخ، وإن كنت ستنظم المؤتمر لكي يتحدث العاملون أو المشاركون فإنه سيكون عليك عبء الدعوة للاشتراك، ثم الاختيار، ثم طلب تحسينات، وقد تقوم بعمل تمارين للإلقاء مع المشاركين إن أمكن.  هذه الأمور تحتاج جهدا ووقتا كبيرا ولذلك لابد من البدء قبل المؤتمر بعدة أشهر. تذكر أن المحتوى هو جوهر المؤتمر فلا تتهاون فيه.
جدول المؤتمر:
إعداد الجدول الزمني للمؤتمر هو من الامور الدقيقة، فعليك أن تراعي فيه عدة أمور:
1- وجود أوقات متعددة وكافية للراحة بحيث تسمح للمشاركين بالتواصل، والاسترخاء، والأكل، وقضاء الحاجة، والقيام بأي اتصالات تليفونية، والصلاة. ضبط توقيتات الراحات لتناسب كل ذلك هو أمر يحتاج تفكير.
2- ضبط إيقاع المؤتمر بحيث تبدأ بالعروض الأقوى في بداية اليوم ثم في كل فقرة أو جلسة.
3- في حالة القاعات المتعددة يصبح الأمر أكثر صعوبة.
4- بعض الموضوعات تحتاج تركيز فيصعب عرضها في نهاية اليوم.
خطة طوارئ:
من السذاجة أن تتوقع أن كل شيء سيسير كما خططت له. قد يتغيب أحد العارضين أو يتأخر أحد كبار الزوار أو تحدث أي مفاجأة مثل فشل الأجهزة الصوتية….إلخ. حاول أن تفكر في حلول لهذه المواقف مسبقا أو أن تجد خطة بديلة. صعوبة تنظيم مؤتمر يكمُن في أن عليك أن تجد حلولا سريعة ناجحة لمثل هذه المواقف وكلما فكرت فيها مسبقا كلما أمكنك تأمين الموقف والتعامل معها بشكل أفضل إن حدثت.
هذه بعض الأمور الأساسية في إعداد المؤتمرات وهناك تفاصيل كثيرة يضيق عنها المقام فنناقشها في مقالة لاحقة إن شاء الله.

0 التعليقات:

إرسال تعليق